الرجل : غارة أصابتنا فلم تبق مالاً ولا ولداً ولا رزقاً ولا إبلاً.... ولا
أبو قابوس : هذه كارثة ( يفكر) أيها النديم، الموقف صعب وعاطفي، سآخذ بكلامك، نعدل قرارات الأيام، من دخل أولاً الرجل أم المرأة ؟
النديم : دخلا معاً يامولاي لكن بينها نصف خطوة، الرجل أولاً.
أبو قابوس : يعامل الرجل كقادم في يوم نحس، ونخفف عنه، فنعامل زوجته كأنها في يوم سعد، وحتى لاتبقى وحيدة، تضم إلى حريمنا.
النديم : كنت دائماً أعرف رقة قلبك.
فوز : لعن الله قلبك الرقيق أيها الكلب ، ماذا أنتم بشر أم حيوانات؟
أبو قابوس : لماذا هي غاضبة؟
النديم : من حزن على زوجها، عشرة طويلة....
أبو قابوس : الحق معها.
المنخل يصرخ) قادمان جديدان رجل وامرأة.
( بعد قليل يدخل المرأة والرجل، يسلمان)
أبو قابوس : أهلاً بكما، تفضلا وتحدثا.
الرجل : وقع علينا سيل لم يبق لنا شيئاً، فأتينا برجاء كبير إلى أكرم العرب.
أبو قابوس : وأنتِ؟
وعد : كما سمعت من زوجي يامولاي.
أبو قابوس : الموقف يا نديم.
النديم : دخلا معاً، وسبقت المرأة هذه المرة بنصف خطوة.
أبو قابوس : عجيب ، هل تمشي المرأة أمام الرجل في أرض العرب!
النديم : تلك خطة يامولاي قدمها الرجل لفتح الشهية والاستعطاف حتى لايعودا خائبين.
أبو قابوس : دخلت المرأة في آخر ضوء من يوم السعد، ودخل الرجل في أول ظلمة من يوم النحس. تضم المرأة أيضاً إلى حريمنا تخفيفاً عن آلام زوجها.
وعد : عن أي تكريم تتحدث، تسطو على النساء وتقتل رجالهن، خزاك الله وقتلك ، وأنتم، أما يوجد في هذا المجلس رجل شهم يوقفه عند حده..؟
قائد فرسان أبي قابوس : ( يتقدم) مولاي، لقد وقعت هذه المرأة في نفسي موقعاً حسناً، وأنا أحب اللبوات، فهلا منحتني إياها يامولاي؟
وعد : قاتلك الله ما أحقرك!
المنخل : امرأة قادمة وحدها ( بعد قليل تدخل مرجانة تسلم)
قائد الفرسان : جئت في لحظة حاسمة أيتها الجميلة (لمرجانة) ومنعت شراً مستطيراً.
أبو قابوس : يصمت الجميع، كيف جئت وحدك يا امرأة؟
مرجانة : مولاي جئتك لاجئة إلى كرمك الذي ملأ سمع الدنيا.
أبو قابوس : ( يتطلع إليها بنهم) أهلاً بك عندي وبين حريمي. يانديم، هذه جاءت في يوم سعد، وزوجها في يوم نحس.
مرجانة : لكني غير متزوجة يامولاي.
أبو قابوس : أرسل واحضر أي رجل ترونه، فقد دخل في يوم نحس فدية عن زوجها الذي كانت ستتزوجه.
مرجانة : هذا كرم عظيم منكم يامولاي فاق كل أحلامي. كنت أتمنى قائداً، قائداً كبيراً أو صغيراً لديكم، فكيف أكون واحدة من حريمكم... ياللسعادة!
وعد : اللعنة عليك، كيف تقدمين نفسك طواعية!
مرجانة : سأل الثعلب الدجاجة لماذا تصيح، فسوف يأكلها صاحت أم سكتت، فقالت أدافع عن نفسي، لكنه أكلها، وكذلك نحن الدجاجات العاقلات ، فلماذا الصخب والتعب، لقد سمعت شيئاً منه وأنا داخلة.
وعد : أنت جبانة.
مرجانة : أرنا شجاعتك أيتها الديكة ( تضحك وتمشي في حلقة وتدور تغري بجمالها)، لا تغضبي فلكل نفس سرها الذي يرسم طريقها، آهٍ على جاءت إليك لغاية لم تبدها، تلك هي المسألة والسؤال من الآخرين، أنا آسفة وقطعت حديثك، أكملي.
وعد : كيف جئت إلى هنا؟
مرجانة : قالوا يمثلون في السرادق مسرحية، فأتيت أجرب حظي.
وعد : فاستبقها سراً عسى تتزود.
مرجانة : ها نحن متشابهتان، أرجو أن نكون صديقتين بعد لوم كشطري هذا البيت من الشعر.
وعد : لابأس عليك فنحن في بيت واحد من طين أو قصر أو شعر.
مرجانة : لكن كلما كثر العدد قل الطلب.
وعد : إلا إذا كنتِ عز الطلب.
مرجانة : كنته كثيراً ياصديقتي، ودائماً نمر بالإختبار.
أبو قابوس : زهرتان جديدتان جئتما في يوم سعد.
مرجانة : أيامك سعد دائماً يامولاي.
قائد فرسان أبي قابوس : مولاي: أنا آسف إذ وقعت المرأة الأولى في نفسي ، فهلا وهبتني الثانية وسوف أذكر ذلك باعتزاز؟
أبو قابوس :الإثنتان لي.
القائد : قصركم عامر بالنساء.
أبو قابوس : هل تحسدني ياقائد؟
القائد : هي رغبة أبديتها.
فوز : وحولتما قصر الملك إلى شهوة.
مرجانة : ادخليه، أم أنتِ في قلبه؟
فوز : اخرسي وقومي لحاجتك.
مرجانة : هذا ليس شأنك والزمي نفسك.
فوز : واذلاه يافرسان الحرب.
أبو قابوس :من يمس ( هذه المرأة) قتلته بسيفي.
فوز : وهل تستحق ذلك؟
أبو قابوس : هو قولي.
فوز : ما أتعس ألا يكون بين جموع البشر إلا رجل واحد.
قائد أبي قابوس: بل يوجد رجال.
فوز : أين هم؟
القائد : ها أنذا.
فوز : أنا لاأسأل عن رجال أتباع، وقد رأيتك قبل قليل.
القائد : أنت تثيرينني.
فوز : لن تثار لأنك لاتملك نفسك.
القائد : أي كلام أسمع؟
أبو قابوس : اصمتا أنتما الإثنان.
القائد : ولو مرة واحدة، مرة واحدة،( يطعن الملك) هل أملك نفسي؟
فوز : الآن نعم، على ألا تكون على مثاله.
الحاكم : (يتدخل) يستحق أبا قابوس هذا المصير، فلقد تجاوز عرف القوم.
فوز : النهايات دائماً.
وعد : أكاد لا أصدق، هل حقاً يفعل الملك؟
مرجانة : إذا كاد عقلي يفر من رأسي وأنا أنضم لحريم أبي قابوس في المسرحية، فكيف بي لو كنت جارية حقيقية عند الحاكم العظيم!
فوز : ما أرى لك دوراً لا في قصر الحاكم ولا في غيره، ولا حتى في السرادق.
مرجانة : لماذا تقطعين نصيبي وأنت مثلي؟
فوز : لست مثلك بأي شكل.
مرجانة : قد أكون مثل وعد، أو أية امرأة أخرى.
وعد : إذا لم أكن مثلك، فأنا أرثي لحالك.
مرجانة : هل أصرخ مثلك يافوز واقول واذلاه في بلد العدل والحرية!
فوز : الحرية رحاب النفس في الكون وبين الخلق لمن يعيش في ظلها، أما من يعيش فيها وهو في قلبه عبد فلن يحس بها.
مرجانة : من كثرة مارضينا بما طلب منا أصبحنا عبيداً، وحتى هذا أراه كبيراً علي.
قائد جيش الحاكم: مولاي الحاكم، أنا أرثي لحال هذه المرأة، هلا وهبتني إياها ، فعسى أدخل السلام إلى قلبها.
وعد : خيراً تفعل أيها القائد العظيم.
الحاكم : لك ذلك، اعتن بها.
فوز : مصير متقلب لاتصنعين منه شيئاً.
مرجانة : كذلك معظم الناس، وشكراً لمولاي الحاكم ولكل من عطف علي.
صاحب : أرى الآن أشياء تطل برؤوسها، وتتمخض عن أحداث كبيرة.
( يسود صمت.)
الحاكم : ماذا تعني ياصاحب السرادق وأنت بالكلام والحكايات عليم؟
صاحب : ما يحدث هي رياح قادمة من خلف السور، لكن لماذا، لاأعرف.
الحاكم : قد يكون إحساسك أنْ رأيت البعض من خلف السور.
صاحب : ونعرف من يتربص خلف السور.
الحاكم : تلك حركة مفيدة لنا، حتى نكون أكثر حذراً و استعداداً.
صاحب : عندما تكتمل الصورة وتظهر الملامح بوضوح، فلا بد أن يراها كل الناس، ولن يمنعها بعد ذلك مانع.
الحاكم : كنا بفوز واحدة.
صاحب : كثرة الأفكار مفيدة، لكنها تشوش العقول العادية.
فوز : وكذلك أحس كما يحس صاحب.
الحاكم : تصدران عن نبع واحد، لقد توحدتما من طول تفكير ومعاناة في السرادق، ومع كل ما يستدعي التفكير نترككم إلى ليلة أخرى (يودعون وينصرفون).
وعد : سيدتي فوز، سأمكث قليلاً مع مرجانة أحدثها بشأنها ثم الحق بك في البيت.
فوز : لابأس، إلى اللقاء ( تخرج)
وعد : أقمت الدنيا ولم تقعديها حتى ظن صاحب السرادق الخطر من خلف السور كما سمعت.
مرجانة : لقد عرفتني بالتأكيد، وما كنت أحسب أن للسرادق مثل فعل السحر بين الناس.
وعد : عرفتك قبل أن تنطقي صدر بيت الشعر، لكن احذري، فالفهم الفهم.
مرجانة : الحمد لله أن لحقت بك في أول الطريق.
وعد : ما أخبار الداهية؟
مرجانة : داهية تأخذه، يأمر كأنه إبليس ولا يحترم فينا حتى خصوصية النساء.
وعد : كلهم هكذا، نحن أملاك، لكن لاأسألك عنه، ماذا يريد حتى ألحقك بي على عجل؟
مرجانة : يأمرنا بأن نساعد القائد ضد الحاكم بكل مكائد الدنيا، فقد أصبح هذا مفتاح الداهية.
وعد : هل تعلمين شيئاً عن الأمر؟
مرجانة : وهل ينطق الداهية، لكن الناس يتحدثون عن إلقاء القبض على بعض الغرباء وعرفوا منهم أشياء وأشياء.
وعد : فهمت، كوني حذرة، سنلتقي ونتحدث.
مرجانة : وألح الداهية على الإسراع في تنفيذ الخطة.
وعد : قلت كوني على حذر.
مرجانة : اطمئني، فأنا لاأعرفك، لكن ما عساك تفعلين عند فوز وهي أدهى من داهيتنا، أو من صاحب ذلك المحنك المسن؟
وعد : كل شيء يسير كما هو مخطط، لكن...
مرجانة : أراك في شك من أمرك.
وعد : نفعل هذا أو ذاك لحساب هذا أو ذاك، ياللعجب!
مرجانة : حياتنا بيد الداهية..
وعد : ونحن هنا، وماذا تراه يفعل حاكم هذا البلد، وهو طيب كما ترين ويحترم الجميع حتى نحن السبايا والنساء، ياللخجل!
مرجانة : لن نقوم بعمل مكشوف ولا دخل لنا في شيء، نوحي ونحض من بعيد.
وعد : هذا أسلم، دعينا نذهب حتى لانثير الشبهة في تأخرنا.( تخرجان)
( يخفت الضوء ، ثم يضاء من جديد، السرادق خال إلا من صاحب)