[colorالمشهد الثالث
( قاعة في قلعة الحاكم الخصم جرم تشبه قاعة الحاكم الأول إلا أنها أكثر ترتيباً )
الحاكم جرم : لقد طال بنا الزمن ومل القوم الانتظار، إنها سنين طويلة، ماترون؟
القائد جمر : إذا كنا مللنا الانتظار ونحن منتصرون وجيشنا على بابهم الجنوبي، ماذا يقولون عن حالهم وماذا نقول؟
جرم : الهدف بيننا مختلف، فهم يجهدون أن يحموا مدينتهم، بينما نريد احتلالها ، وعلينا أن نفعل وإلا ظهر عجزنا أمامهم فيتوهموا.
جمر : ونظل الغالبين في كل الأحوال.
جرم : لكنه غلب ناقص وآن الآوان لاتمامه.
جمر : نحن مستعدون.
جرم : علينا أن نجهز أنفسنا للنصر، ونجهز أيضاً العدو للهزيمة.
جمر : اسمح لي أن أعجب.
جرم : اعجب كما تشاء، لكن سترى. ومن أجل هذا دعوت الحكماء وأوكلت إليهم شطر العدو لوضع خطة لانهياره قبل أن تطأ مدينته خيولنا (يصفق) ادخلوا علي الحكماء.
( يدخلون) قد تعلمون داعي اجتماعنا هذا.
حكيم : نحن نجتمع دائماً هنا ونبحث قضايا تهم الجميع.
جرم : أريدكم الآن من أجل غيرنا، العدو. ضعوا خطة تقرب نهاية الحالة المتلكئة بيننا وبين أعدائنا.
حكيم : هل قررت دخول المدينة؟
جرم : ماذا ترى أنت، أما أنا فأحب؟
حكيم : أنت تحب وأنت القوة، إذا أردتها غارة فاعتمد تلك القوة، أما الاستقرار فهو شيء آخر يحتاج إلى ترتيب محكم.
جرم : من له رأي في الترتيب المحكم؟
حكيم1 : أبلغ الأشياء إلى النصر في حالنا هذا ، أن تضع للخصم خطة ينفذها وكأنه واحد منا، وبذا يسقط في كل خطوة في حفرة رسمناها ولايخرج منها.
جرم : وكيف يكون ذلك؟
حكيم 2 : نوصل إليه خطتنا بطريقة ما توحي إليه بما يعمل تفادياً لها وهو مانريد
حكيم 3 : وعندي كلام في الموضوع .
جرم : تفضل
حكيم3 : أسهل ما تغلب به عدوك ألا تقابله وهو قوي متماسك، بل فككه إلى حلقات وفواصل، واجعل كل واحدة منها تضغط بعكس الأخرى فيخفق وتذهب ريحه، وفهم هذا كفاية.
جرم : وهل نملك حقاً هذا التأثير؟
حكيم3 : نحن متميزون على الخصم، فقرارنا جماعي ومدروس وعاقل، وقرارهم فردي، وصالحنا عام وصالحهم خاص ، ونحن أصحاب علم وحكمة ودهاء وهم غوغاء وفوضى وتبجج فارغ.
جرم : ومن يضيف لنصرنا سبباً آخر؟
الداهية : الناس في كل مكان يتفقون ويختلفون في العواطف والمصالح. وأنا أكتفي منها بأربعة أشياء تفلق الصخر الأصم.
جرم : هيا عجل ودعنا نسمع هدير حطامه.
الداهية : المال والملك والنساء والسلطة، أدخل هذه المفردات في اللعبة والعب بحذق تفتح لك مربعات الشطرنج طريقاً إلى الملك حيث يسقط تحت ضربة بيدق أما تفصيل ذلك فتتركه للعارفين.
جرم : هذا كلام، فما نصيبه من النجاح؟
الداهية : أو كل لكل عمل كفءاً ولن تخيب، ستتم الأمور في هذه القاعة في أيام قادمة بكتمان شديد.
( ينفض المجلس ويخفت الضوء، ويضاء عن المجلس نفسه وقد جلس الداهية وحكيم).
(تدخل امرأة باهرة الجمال)
الداهية : إجلسي ايتها المرأة، وأرجو أن تكون رجاحة عقلك على قدر حسنك.
المرأة : ( تضحك) أرجو أن يكون عقلي على قدر ما تشتهي وإن كنت غير مسؤولة عنه.
الداهية : حسن، من أول كلمة حتى آخر عمرك لن تنطقي بما تسمعين الآن لمخلوق كان.
المرأة : أفعل مع أنك تخيفني.
الداهية : لاخوف، ستذهبين في مهمة، وسواء عدت منها أم لم تعودي، فعليك تجاهنا تنفيذ هذه المهمة، وأنت بعدها حرة ولك أجرك المجزي.
المرأة : حسن، هل يستغرق تنفيذها زمناً طويلاً؟
الداهية : هذا يعتمد على قدراتك الخاصة.
المرأة : الجسدية أم العقلية ؟( تبتسم)
الداهية : افعلي ما تشائين، قدمي أو أخري، والمهم أن تجلسي في قلب الهدف.
المرأة : أهّه.. أوضح لي أكثر.
الداهية : لابأس، ستذهبين مع آخرين في سفر، وتمرون بجانب سور المدينة، ويخرج إليكم جند الأعداء ويأسرونكم، وفي المدينة قد تباعين وسيكون اسمك وعد.
وعد : لكنه ليس اسمي.
الداهية : حاولي يا وعد أن يكون المشتري رجلاً مهماً، الحاكم، قائد الجيش، مسؤول كبير..
وعد : وأثير بينهم الحسد والغيرة، ويقتل أحدهم الآخرين وتنقسم المدينة ويدخل جندكم إليها وربما دون حرب..
الداهية : والله لأنت أدهى مني.
وعد : وهل وصفوك بالدهاء؟.. ( تبتسم)
الداهية : ( بحنق) امرأة اعرفي كيف تتكلمين ومع من.
وعد : ألاحظت نفسك، لو كنت داهية لما انفعلت وغضبت؟
الداهية : أنت حقاً ما أبحث عنها.
وعد : للمهمة أم لأمر يهمك.
الداهية : اضبطي نفسك ياامرأة.
وعد : مضبوطة تماماً، هل أحسست بشيء؟ لاتغضب فأنا أتدرب على ماسوف أنجز.
الداهية : وماذا ستجيبينهم عن نسبك وعملك؟
وعد : جارية لقائد السفر
الداهية : وعملك؟
وعد : ككل النساء لكن أجيد الكلام والرقص والعزف وخدمة الأسياد الكبار. وقد يكون الجواب حسب الظرف الواقع أمامي.
الداهية : حسن، وما اسمك وأين ولدت ومن أبوك...؟
وعد : اسمي وعد، وسبيت في غارة، وأنا من أسرة عريقة، انقطعت بعدها صلتي بأهلي.وقد تعلمت منذ صغري الأدب والشعر والعزف.
الداهية : متزوجة.. أولاد...
وعد : متزوجة، هنا أجوبة كثيرة.. أولاد.. لاأظن
الداهية : حسن، أنت كفء للعمل ( يناولها ورقة) خذي هذه الورقة المكتوبة شعراً ( مزقها نصفين) هذا نصفها المقطوع.. لو اضطررنا أرسلنا خلفك امرأة أخرى تحمل النصف الآخر. لو أتمت بيت الشعر الأول المقطوع، فأعلمي أنها رسالة إليك، ضمي النصفين ونفذي ما فيها عندما يعودان قصيدة واحدة.
وعد : ولماذا لانتعارف منذ الآن؟
الداهية : هذا لايكون حتى لايحدث الخطر.
وعد : وكيف ستلقاني، وما هو بيت الشطر الأول؟
الداهية : لاتخشي ولا تنشغلي، ستلقاك، أما شطرها فهو: جاءت إليك لغاية لم تبدها
وشطرك المكتوب: فاستبقها يوماً عسى تتزود
وعد : حفظته، لكن أخشى على نفسي.
الداهية : لن يصيبك سوء، وسوف تكونين في مقام عالٍ.
وعد : حقاً ، أنت تعرف؟
الداهية : كل شيء مرسوم.
وعد : وأنا ورحلتي؟
الداهية : لاتسألي كثيراً إلا ما يفيدك. إن كنت فهمت، فسوف يقودك من بابي رجل يكمل لك مهمتك. إياك أن يخطئك الهدف (تخرج . ثم تدخل امرأة أخرى أصغر سناً وأكثر إثارة )
الداهية : أهلاً بك يامرجانة.
مرجانة : وبك يا سيدي.
الداهية : تعرفين سبب حضورك إلينا.
مرجانة : الداخل مفقود والخارج مولود.
الداهية : أيتها المولودة، ستذهبين في وقت معلوم بمهمة إلى مكان نحدده بعد، ما عليك إلا أن تقعي في الأسر وتدخلي السور. وما عليك إلا أن يشتريك الحاكم أو القائد ، وسوف تقابلين امرأة تعرفينها من شطر بيت شعر تذكرينه أمامها فتكلمه.
مرجانة : وهل أعرفها؟
الداهية : سوف تتعرفين عليها. وستلقينها في مكان تذهبين إلهِ حكماً. سيكون اسمها وعد.
بعد لقائك بها ستبلغينها مهمة نخبرك بها قبيل سفرك.
مرجانة : هل أنا ذاهبة بمهمة غواية؟
الداهية : وهل سيكون مبارزة ايتها الفارسة الحلوة.
مرجانة : ومن سعيد الحظ هذا المنغوي أو المغوي عليه؟
الداهية : إن كنت حقاً لم تدركي بعد، فتلك مصيبة ولن تذهبي.
مرجانة : أتأكد ياعسير المجاملة.
الداهية : انضبطي قليلاً حتى تفهمي ثم انفلتي.
مرجانة : الكل يطلب الانضباط وحفظ السر، وكأن عشرتنا خطر، مع أني منضبطة، هل وشيت بك يوماً.
الداهية : وهل عرفتك يوماً؟
مرجانة : لكن أعرف الكثيرات ممن تعرف.
الداهية : يبدو أنك شبعت من الدنيا.
مرجانة : لا والله ما زلت في أول عمري ولساني قصير.
الداهية : هيا اخرجي الآن، وسيكمل غيري لك كل شيء.( تخرج )، بنات فاسدات.
الحكيم : ومن عساه غيرهن يصلح لما ندبت! هن مفيدات ولا تستصغر شأن أحد، فلكل دور في هذه الحياة حتى أنت أيها الداهية. لم أرك تندب إلا لشر. وحول عنقك آلاف العيون تدعو بقطعه، وألف سيف غير منظور ترقب لحظة الموت عندك.
الداهية : هل حقاً تعتقد؟
حكيم : بالتأكيد، وتذكر ما حدث لكثير قبلك.
الداهية : لكنني..
حكيم : كلهم كانوا يرددون الكلام ذاته. أنا مخلص، أنا مفيد، كم أنقذت حاكمي من مأزق، لكن أعلم أن الأرض واسعة وفيها ما تجهله أنت ويعرفه غيرك. أنتم رجال الخطيئة الواحدة، وحياتكم أوهى من خيط عنكبوت وأذل عند الناس من ضبع وخنزير.
الداهية : وأنت يا حكيم الزمان؟
الحكيم : أنا أصف الحكمة، لكن لا أنفذ شيئاً ولا أدخل في صراع، أنير الطريق حتى لايضل الحاكم ولا الناس. لكنك ترسلهم إلى الطريق المظلم دائماً، أليس كذلك!
الداهية : وإذا لم أفعل ، فهل يعيش الناس جميعاً في النور ويبقى الظلام خالياً. كلا ياحكيم، ما خلق الله المتضادات إلا لحكمة، ولايعمر الكون إلا بها، وفي الآخرة ذاتها الجنة والنار.
الحكيم : لكن بعد عدل مطلق.
الداهية : ومع العدل ، فنحن نخطئ أحياناً.
الحكيم : ( يضحك) أحياناً، هيا ننصرف الآن.
=darkred][/color]