الشخصيات :-
الأول:-.. عينه نافذة تطل على جرح في روحه ….
الثاني:- ضخم....ردة فعله سريعة ….
الثالث:- هادئ …يتلعثم ..يتردد قبل أن يتكلم ..يتحول فجأة إلى رجل قاس .
المرأة : أحياناً تبدو وقد أصابها الجنون .
المكــان
بقايا مكان …
لا ملامح محددة ….. ليس سوى أريكة انتظار في وسط المسرح ..وكل ما حولها …فضاء تركت عليه بصمات مصمم اختزل رؤياه ببقايا أشياء لهياكل تحطمت . ومر عليها زمن .
اللوحة الأولى
تتضح الرؤيا تدريجياً .
يخرج الأول، وكأنه خارج من العاصفة .يقف على الأريكة ينظر إلى كل الاتجاهات ثم يجلس عند الحقيبة الكبيرة التي يسحبها بصعوبة تخرج المرأة … تحمل بقايا جمجمة ....تنظر إلى كل الاتجاهات ثم تعود إلى مكانها وهي تشعر بالخيبة .
الثالث ما أن يدخل و يراهما حتى يخرج .
يدخل الثاني ويجلس على الأريكة في المقدمة قرب الأول .
(الجميع يرتدون معاطف قديمة . أو بقاياها )
الأول (لا زال ينظر إلى البعيد) .
الثاني ( يقترب منه بحذر) هل مرت العربة ؟
الأول هل أنت واحد منهم ؟
الثاني ( ينظر بعيداً ) الزمن سيصلح الأمر .
الأول ستأتي العربة ..من هذا الاتجاه
الثاني وربما تأتي من هذا الاتجاه…(يشير إلى ا لاتجاه المعاكس )
الأول لا ..لا ..ستأتي من هناك .(( تبدو عليه الثقة ))
الثاني ولكنهم قالوا .
الأول لا تصدق أحداً .
الثاني ( يتأمله ) ولماذا أصدقك ؟
الأول لأنني .. لا أحد . ( يشير لرأسه ) ولا شيء هنا(يضحك ) ستأتي العربة من هذا الاتجاه لتأخذنا (ينظر إلى البعيد ) لابد للإنسان أن يبقى على علاقة بشيء ما ، هذا ما حكم به علينا
الثاني من حكم على من ؟؟
الأول هم .
الثاني من ؟
الأول ليس مهما ..ولكنهم أشاروا إلى الساعة . وحين صحوت ، أدركت أن الزمن قد مر .
الثاني لا أحد هنا (يتلفت ثم يجيب على سؤال طرح في داخله) نعم . لا أحد
الأول لا أدري …ربما .
الثاني إذن ،أنت من كان يجلس هنا،طوال الوقت ؟ ثم جاء رجل ..لم أشاهد ملامحه ،حملك بعد أن بقيت ممدداً على هذه الأريكة لشتاء كامل .
الأول كنت أنتظر ..وستأتي العربة من هنا .
الثاني بل من هنا …
الأول وإن وصلت من هذا الاتجاه …ألا تذهب معهم ؟
الثاني ( يفكر ) سأذهب ..ليس مهما إلى أين ، بل المهم أن أغادر هذا المكان .
الأول إذن …انتظر هناك ..وأنا أنتظر هنا …(( يركض الثاني مبتعداً ))
الثاني وإن جاءت عربة من هذا الإتجاه ..وأخرى من الاتجاه المعاكس واصطدمتا . فهل يبقى أمل ؟
الأول لا أظن ( آلة الكمان تعزف لحناً حزيناً ) . ( تخرج المرأة حاملة الرأس ، بقايا جمجمة.. تجلس على الأريكة هي الأخرى ثم تضع الرأس إلى جانبها )
المرأة هل ستأتي العربة ؟
الأول تتكلمين معي ؟
المرأة لا ( تشير إلى الرأس ) معه .
الأول من هذا ؟
المرأة ابني .
الأول ولماذا تحملينه ؟
المرأة ميراث المأساة ، وعلىّ أن أعيده لقد ظل جسده هناك بعد أن خرجت من العاصفة
الأول أنا خرجت من الدخان .
الثاني ( يقدم لها نفسه ) أنا خرجت من الضباب .
الأول لازلت في الدخان
المرأة لازلت أدور ولا أعرف أين أنا ؟ (( ترفع رأس الطفل))العاصفة تطارده وأنا أطارد أباه وحين وجدته ،أضعنا الطريق(تشير إلى الرأس ) لابد أن أعيده إلى الجسد ، نعم سأعيده حتماً ( الأول يتطلع إلى الثاني بهدوء )
الأول (للثاني ) هل أعرفك ؟
الثاني (ينظر إلى المرأة )
المرأة لا أظن ….فأنا خرجت من العاصفة .
الثاني وأنا خرجت من الضباب .
الثالث (تشير للرأس ) وهو خرج .. هكذا ..رأس أفزعته المأساة .
الأول (للثاني ) ولكن..قبل الدخان والعاصفة والضباب ..ألم نلتق ؟
الثاني كل من التقيت بهم كانوا بشراً .
الأول ما دمت تتكلم بهذه القسوة .فيخيل لي أن ….
الثاني لقد مر زمن على وجودي هنا، سنوات طويلة وثلاث وأربعون ثانية
الأول ماذا تعني ؟. ولماذا هذه الثواني .
الثاني هي الأساس
المرأة أنا خرجت من العاصفة . ( تشير للرأس ) وابني نسي جسده فيها.لكني ..أضعت ….ذاكرتي (( تبتعد إلى الزاوية ))
الأول يبدوا أنها لا تأتي (( صمت )) العربة ….يبدو أنها لن تأتي
الثاني لما لا تنادي ..علهم يسمعون
الأول ( يمثل الصراخ بلا صوت )
الثاني ماذا تفعل . أصرخ .أصرخ .
الأول لقد مللت الصراخ ، صرخت كثيراً ، صرخت بما فيه الكفاية ، فمن ولادتي ولحد الآن وأنا اصرخ لا جدوى ومع ذلك..سأصرخ الآن .. عل أحداً يأتي .. عل أحدا يسمع .
الثاني إذا كان من سينقذنا رجلا …فأنا ارفض .
الأول أتحب النساء ؟
الثاني المأساة جعلتنا لا ندري ما نحب …..
الأول قلت لأمي ذات يوم …أنا طائر أعرج ..ركض الأغبياء ليمسكوا به لكنه طار…لقد نسوا أنه يستطيع الطيران…أنا ذلك الطائر .
وهكذا خرجت من الدخان .
الثاني لم أفهم .
الأول أمي قالت ذلك أيضاً …لم أفهم .
الثاني ولكنني رجل ….وعقلي واسع جداً ….من هنا ..إلى
الثالث ( يقاطعه ) اسمع صوت عجلات .
الأول اسكت .(يصمت )
الثاني صوت عجلات ؟؟ .
الأول ( يصغي ) عربة تسحبها أيائل .
الثاني لا …لا ….ربما حشرة تعدو في مكان ما .
الأول ما أدراك ؟
الثاني لا أعرف ولكنني متأكد ..لانها الحقيقة الوحيدة ..الدود هو الحقيقة الباقية
الأول تذكرت ..هذه الكلمة …كنت تقولها على الدوام وتضحك..كيف تدعي أنني لا أعرفك؟
الثاني قلت لك لا أعرفك (( يرددها بجنون )) لا أعرفك …لا أعرفك.
الأول هل أنت متأكد .
الثاني لا لم أعد قادراً على تذكر كل شيء فسنوات طويلة كافية (يتهرب) لم لا تصرخ؟ عليهم يسمعون صراخنا.( يصرخ لوحده ) ها..يا من هناك نحن هنا…( للأول ) ماذا أقول؟ أين نحن ؟ ..في السجن أم ماذا ؟ ماذا يمكن أن تسمي هذا المكان ؟ ما تبقى ؟ ليكن ( يصرخ من جديد ) نحن هنا في ما تبقى من الـ….نحن هنا هيا ..
الأول ( يشاركه ) نحن نموت هنا .
الثاني نحن هنا ولسنا في كوكب آخر .. أتسمعون ؟
( يواصلان الصراخ )
يندفع الثالث بكل قسوته إلى المكان كأنه مجنون .يقف أمامهما حتى (( يتوقفا عن الصراخ . ))
الثالث أيها الأغبياء …دعوني أفكر عسى أن أجد الطريق .
الثاني الطريق على الأرض .
الثالث ( يفرح ) بل هنا .. في رأسي .
الثاني وهل يسع رأسك كافة الطرق ؟
الثالث اسكت .
المرأة زوجي …هل وجدت شيئاً .
الثالث تراجعي
المرأة هل وجدت الطريق ؟
الثالث أنا أبحث عن طريق آخر غير الذي تريدين ، وسأختفي وأخفي أثري كي لا تتبعيني أيتها المجنونة .
المرأة وابنك ؟!
الثالث أنا لا أصلح أن أكون أباً …ولا زوجاً .ولا أصلح لما تريدين أبدا بل لا أصلح لشيء .ولا أريد إلا أن أبقى وحيداً ،فالعاصفة لم تبق في صدري غير الحطام .
الثاني أنت تشبهني …
الثالث لقد سرقوا مني شيئا ،لا أستطيع تحديده ، لا أعرف ما هو .لكنه أفقدني صوابي
الأول من فعل ذلك ؟
الثالث هم ؟
الثاني أنا أعرفهم ….(بهدوء) كنت بينهم
الأول هذا يؤكد أنني أعرفك .
الثاني قلت لا .
الثالث اصمتوا.وإلا قتلتكم جميعاً ، الآن (يرفع بيده قضيباً حديديا،ً فيصمت الجميع) هذا أفضل .. أما الآن فلنطفئ القمر.
( ظــلام )
( اللوحة الثانية )
[ يبدو أن الزمن يمر سريعاً وأن العاصفة تدور لا شيء هناك… يزحف الأول ثم الثاني إلى الأريكة ] ..
الأول لم تأت العربة .
الثاني لم يأت أحد .
الأول ولم كنا ممددين على الطريق ؟
الثاني لقد رموا بنا .
الأول كنا أمواتا …ومع ذلك فقد حلمت .
الثاني وهل يحلم الميت ؟
الأول من يستطيع الإجابة على ذلك ( صمت)هل سنبقى ننتظر ؟
الثاني يبدو أن علينا أن نتكيف مع ما هو حاصل لا محالة
( ينهض الأول متأملاً ) الثالث أتريدين البقاء هنا ؟( يدور في المكان مفجوعاً ) أهذا مكان مناسب للحياة ؟
المرأة لا .
الثالث لم تبعتني ؟
المرأة لا أدري .
الثالث ربما لتتخلص مني …..أتريدين قتلي ؟
المرأة لا أدري .
الثالث لماذا جئت ؟ لم تبعتني ؟
المرأة ( تصرخ ) ربما لأنه لم يعد هناك متسع من الوقت بعد أن سحقتنا العاصفة لقد أضعنا الطريق ،أضعنا اتجاه البيت ..ورغم ذلك فهناك في مكان ما.. بيت لا تضاء مصابيحه في الليل ، أظلمُ كرحم امرأة عاقر لابد أن نعود إليه ، لابد أن أعيد رأس ابني إلى جسده .
الثالث لقد أضعت الاتجاهات وأحدهم سرق مني شيئاً أخل بوجودي لم أعد كما كنت …أتفهمين ؟ لا ادري كيف أصف لك ذلك، اسمعي ... في جسدي حلقة تورمت ،فأصابت جسدي كله بعطب وما أن أستعيد أمراً حتى أجد نفسي فقدت أموراً غيره ،لابد أن أعود كما كنت لكي أستطيع العودة إلى من أحب .
المرأة لم يبق أحد .
الثالث ما فائدة العودة إذن ؟
المرأة ( تصرخ ) لا ..لا تقل ذلك …ولا تهرب .
الثالث تحبين البيت إلى هذا الحد ؟
المرأة هناك جسد ابني …وال .. ال.. ال.. البيت كله .
الثالث أتحبينه إلى هذه الدرجة ؟
المرأة العالم بدونه موحش ، وهو يحبك .
الثالث لا أريد إلا أن أواصل الهرب حتى النهاية .فاتركيني ، اتركيني سأهيم على وجهي علني أجد طريق الخلاص ، سأهيم بكل الاتجاهات..
المرأة ونحن ؟
الثالث سأقطع ذلك الحبل الذي يشير إلى تاريخ لم يعد فيه إلا الحكايات ( يخرج )
المرأة ( تصرخ ) ونحن ؟
الأول تكيفت دائماً ..تكيفت على الدوام ..انحنيت لأتكيف ..وخسرت الكثير كي أتكيف.
(( يخرج ورقة ويقرأ )) إن القرن الذي عشنا به وتسلقنا زمنه لم يكن إلا ضحية نفسه ومع ذلك قمنا بعملية التكيف رغم أنه قد اندفع كالمجنون …وقتل في طريقه الملايين…الملايين،حتى شاخ وهاهو يتمدد أخيراً على فراش الموت مودعاً …يبكي لقد شاخت أوصاله ، وانتشرت السموم في جسده وأكلت التجاعيد محيّاة ….حتى أصيب بالهذيان .ولم يعد أحد يعرف ماذا يصدق من تاريخه وما يقصه علينا ….نحن الذين شربنا كأسه المسمومة حتى النهاية …ولم نعش اللذة التي عاشها البعض ...سنقف في النهاية هكذا ( يقف بطريقة مضحكة) لنجيب على الأسئلة رغم أننا لم نعرف شيئاً ولم نحي ولم نشاهد ( يتحسس كل واحد منهم ما يقال ) إننا نتسابق للموت، ومع ذلك ربما ستأتي العربة لتنقلنا بعد أن شربنا الكأس المسمومة …تنقلنا من هذا الحطام فهو يحترق كورقة..ولم يعد صالحً . فماذا يمكن أن نكتب فيه بعد؟…كيف نسطر انتصاراتنا على الرماد ؟ إنها بقايا الدخان ، بقايا العاصفة ...بقايا الحريق .
(يرمي الورقة …يجلس مواصلاً البكاء )
الثاني لم تبكي ….وهل يستحق بكاءك ؟ توقف .. لماذا تبكي ؟
الأول لا أعرف .
الثاني ( يصرخ ) ومن يعرف إذن أيها الغبي ؟ ( يقفز الأول لمواجهته )
الأول ألا أعرفك ؟
الثاني إذا كنت لا أعرفك ،فكيف تعرفني؟ ( يتلمس وجهه وكأنه يقف أمام مرآة ) لأنك كنت شخصاً واحداً …أما نحن فأرقام لا أكثر
الأول هذا بالنسبة إليك .
الثاني ماذا تعني ؟
الأول هذا الوجه …هل تنساه …(صمت) نعم أعرفك وهذه قبضتك هذا هو أنت إذن (يهرب إلى الزاوية)...( يتظاهران بالعمى ويدوران في المسرح )
الثاني لماذا تهرب ؟
الأول لأنني عرفتك فعلاً …هذا هو أنت .
الثاني وهل تهرب عندما تتعرف إلى أحد ؟( يبدو أن )
الأول إحذر …لا تقترب مني …أنا لم أفعل شيئاً لا تقترب (يصرخ ) هذا أنت
الثاني من تقصد ؟
الأول الشخص الذي في ذاكرتي ..
الثاني وكيف أعرف الشخص الذي في ذاكرتك لأخبرك إن كنت هو أم لا
الأول هو شخص واحد ، والأجسام المعلقة كلها أرقام .
الثاني ماذا تعني ؟
الأول ألا تذكر ضحاياك ؟ …إذا كنت قد نسيتهم فكيف تتعرف على ضحاياك ممن كان يمكن أن يولدوا، رجال ونساء ،عباقرة ومجانين ، كان يمكن أن يعيشوا …أنت قتلتهم .
الثاني يدي لا تطال المستقبل ..فلا تكن مجنوناً .
الأول قتلت المشروع … الرغبة … الحلقة ..قتلت أحلامهم وشعرهم وجنونهم وحقدهم ، وأطفالهم وصراعهم …لأنك لم تسمح لهم أن يوجدوا أصلاً ( يصرخ ) كان يمكن أن يوجد كل هؤلاء لولا يدك التي عملت عملها يا صاحب العين الجاحظة .
الثاني ( يصرخ بعنف ) من أنت؟؟
الأول ( يقف أمامه ) واحد من الأرقام ، واحد من ضحاياك .
الثاني من أنت ؟؟
الأول واحد ممن قتلت ذريتهم .
الثاني ( يصرخ ) يا إلهي ..
الأول كنت جلاداً .
الثاني كنت .
الأول وكنت أنا أحد ضحاياك .. علقتني إلى حد الموت …لقد أخبرت ابنتي بما جرى فظلت تبكي … لسنة كاملة.
الثاني ابنتك ؟؟ ولكنك قلت إنك (( تقاطعه )) .
الأول نعم لم استطع الإنجاب ..لأنك السبب فأنت من قتل الحياة في داخلي أتتذكر تلك الليلة …الليلة …الليلة ،توسلت أنا فيها ولكنك لم تصغ .
الثاني كنت حجراً .
الأول ( يصرخ ) لم فعلت ذلك ؟
الثاني لم أكن أسمع …كنت حجر .
الأول بكيت أنا …ولم ترحم .
الثاني كنت حجرا .
الأول ثم فعلت فعلتك الشنيعة ، تلك الفعلة جعلتني رجلاً لا حلم له .
الثاني يا الهي ..الهي .
الأول فهربت أنا إلى الضياء ، وسقطت أنت في الوحل ….تزوجت ولم أنجب ثم تزوجت أخرى ..ثم أخرى .
الثاني ألم تقل أن لديك طفلة قبل قليل .
الأول هي إحدى محاولاتي للانتصار عليك ..ولكن حين كبرت..أدركت أن الفتاة لم تكن ابنتي ولن تكون فعاودني ذلك الشعور بالوحدة وظل شبح وجهك يطاردني …و ها أنت ذا أمامي .
الثاني ( بهدوء مرير ) حصان شاخ… كسرت ساقه …ولم يعد يصلح إلا لطلقة الرحمة …( يستدير إليه ) أتعرف …كنت كل ليلة بعد أن أنهي عمل بتعذيبكم أعود إلى البيت لأبكي وأطلب الرحمة والصفح ( يجلس أمامه ) اصفح عني .
الأول لو كنت قد أسأت إلي ….لصفحت عنك ، ربما ، لو كنت غرست سهامك بصدري ربما كنت أستطيع الصفح عنك لو عذبتني أو سرقت مالي …ربما كنت قد صفحت ، ولكن هل تصفح عنك أجيال ، كان يفترض أن تأتي من صلبي ؟؟هل يصفح عنك من لم تره ؟ هل تصفح عنك فتاة كان يمكن تأتي للحياة ويدعوها الربيع ، فتزهو، يداعب شعرها الهواء ؟ هل تصفح عنك روحاً تصارع كي تأتي إلى النور ؟ بعد أن تخترق الظلام كالنجم ثم تحيا وتتنفس وتكبر لتعيش دورة الحياة ( يستدير إليه صارخاً ) أتعلم ما قيمة الهواء ؟ ... رغم كونه بلا ثمن ، إنني أحلم برجال ونساء يندسون بين الغابات والمزارع ويركبون البحر أو ينطلقون في الفضاء أشخاص يولدون في زمن سيأتي .. كل هؤلاء قتلتهم ..سرقت الحياة منهم بفعلتك الشنيعة ، فياله من جرح آثم هذا الذي تحمله ولن يندمل ، ليساعدك الله أيها الإنسان الذي يدرك ما قيمة الحياة ، هل سيصفح عنك كل هؤلاء ؟ ذلك هو السؤال ؟.
الثاني اقتلني لأرتاح .
الأول ها قد أصبح الموت راحة تطلبها . بعد أن كنا نتمناه لننجو منك .
الثاني ماذا أصنع الآن .
الأول لا شيء ….لا شيء ….لا شيء .
( يدخل الثالث حزيناً …يدور وحده )
الثاني ( يقف أمامه ) انظر إلي …أتراني مزقاً ؟؟ ( صمت ) ممزقاً ؟…نعم ممزقا ، إذن لا تركب الطريق الذي ركبته أنا …توقف …تراجع ، انسحب …استرح ، واغسل يديك إن كان ذلك لا يزال ممكناً .( يرفع يديه بوجه هو) هذه البقع لن تمحى إلى الأبد … انظر إليها
الثالث لقد خدعت …دفعوا بي …أجبروني على فعل ما يريدونه وكنت أنفذ ، عسى أن أنجو بنفسي ،لكنها العاصفة لم تترك شيئاً ، ولم أجد إلا مخلفاتهم تلاحقني ، انظر إلى جسدي ، لقد دفعت ثمن ما لم أفعل وتعفن جسد بسببهم ..ولا خلاص لي .
الثاني تراجع .
الثالث من يستطيع التراجع ؟ !! من ؟ (( ينظر إلى الرأس )) أنت ؟
( من الزاوية تصرخ المرأة )
المرأة لا تلمس ابني .
الثالث هذه أماكن البراءة ، هذا فمٌ كان يبتسم ، هذا ما وصلت إليه ( يترك الجمجمة ) يا الهي لقد حاولت أن أنجو ، رضيت أن أكون عبد أي شئ ، إلا أن ذلك لم يفلح أيضاً ( يدور وحده ثم يصرخ فجأة ) مسكين من يحيا كورقة بيضاء ، يضع عليها الآخرون أختامهم ( يدفع قفصاً فيه تجلس المرأة وكأنها تجلس في زاوية .. الثاني يدفعها ليواجه بها الثالث ، فهي الحقيقة التي يهرب منها)
الثالث ماذا تريد من وراء ذلك ؟
الثاني انظر إليها .
الثالث ضعف البصر ….ضعف البصر ...
الثاني لا تنظر بعينيك ..فكلنا نرى ..بل انظر بعين أخرى واسمع ما تريد قوله .
المرأة بحثنا عنك طويلاً ..وأضعنا الطريق .( يندفع الأول )
الأول هل وصلت العربة (( لا أحد يجيب )) لا بأس سأنام بعض أيام إذن ، علها تأتي ( يدخل إلى الحقيبة الكبيرة وينام )
الثالث ( للمرأة ) لماذا تتبعينني ؟
المرأة لأنك لم تعد .
الثالث أضعت الطريق .
المرأة ونحن أيضاً …أنا وابني .
الثالث ( يصرخ ) ما كان عليك أن تغادري المكان . لم فعلت ذلك ؟
المرأة أجبروني على مغادرة المكان الذي كنا نحيا فيه …ولم أستطع حزم أشيائنا ، كم كنت أتمنى أن أحمل كل شيء معي .إلا أنهم لم يسمحوا لي بذل
الثالث رفضوا ؟
المرأة كانوا على عجلة من أمرهم …وكان واجبا علي أن أطيع…فأخذت راس ابني ،وتركت جسده في الغرفة تحت السرير ، هناك دفنت جسده ،ولم تبق العاصفة ع معي .
لى القليل الذي حملته